‫الرئيسية‬ مقالات يومية *التأمل في المخلوق يهدي إلى الخالق*
مقالات يومية - 27 مارس، 2022

*التأمل في المخلوق يهدي إلى الخالق*

آية الله العظمى السيد وحيد الخراساني دام ظله

التأمل في المخلوق يهدي إلى الخالق وكذلك التأمل في حياة كل حيوان ، فإنه يهدي إلى الله تعالى . جاء أبو شاكر الديصاني إلى الإمام الصادق فقال له : يا جعفر بـن محـمد دلني على معبودي . فقال له أبو عبداللہ (عليه السلام) : إجلس ، فإذا غلام صغير في كفه بيضة يلعب بها ، فقال أبو عبداللہ (عليه السلام) : ناولني يا غلام البيضة ، فناوله إياها ، فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : يا ديصاني هذا حصن مكنون ، له جلد غليظ ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق ، وتحت الجلد الرقيق ذهبة مائعة وفضة ذائبة ، فلا الذهـبة المائعة تختلط بالفضة الذائبة ، ولا الفضة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة ، فهي على حالها، لم يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن صلاحها ، ولم يدخل فيها داخل مفسد فيخبر عن فسادها ، لايدرى للذكر خلقت أم للأنثى ، تنفلق عن مثل ألوان الطواويس ، أترى لها مدبراً؟! قال : فأطرق ملياً، ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وأنك إمام وحجة من الله على خلقه ، وأنا تائب مما كنت فأي تدبير صنع ه هذا الحصن المحكم من مادة الكلس المصفى، وأودع فـيه الأسرار العجيبة؟! أي تدبير نسج هذا الحصن من مواد الحب الذي تأكله الدجاجة والطير ، ثم وضعه في بيت المبيض ، وجعله مقراً آمناً لنمو الفـرخ فـيه، وأسكـن فـيـه النـطفة كاللؤلؤة في الصدفة؟! وحيث إن الجنين منفصل عن أمه ، وليس هناك رحم يوفر له الغذاء ، فقد هيأ له الغذاء في داخل الحصن ، وجعل بين جدار الحصن الغليظ وبين الفرخ وغذائه غشاء لطيفاً يمنع من وصول الأذى إليه ، ثم خلق في ذلك الجو المظلم جميع أعضاء الحيوان وقواه من عظام وعضلات وعروق وأعصاب وحـواس ، و وضـع كـل واحدة منها في موضعها.إن التأمل في تركيب العين من تلك الأعضاء فقط وما أودع فيها من لطـائف الصنع، ووضعها في موضعها الذي يليق بها يحير العقول، فضلاً : عن جميعها. ولأجل أن يتمكن من الإرتزاق ـ إذا خرج ـ بالتقاط الحب من بين التراب والأحجار ، جهزه بمنقار صلب من جنس قرون الحيوانات، لئلا يتأذى بـالنقر في – الأرض. ولأجل أن لا يفوته رزقه ، جعل له حويصلة يجمع فيها كل ما وجد من الحب ألوان الطواويس» . بل أي أستاذ علم الطائر أن يقلب البيض في الليل والنهار حتى لا تفقد أعضاء الجنين تعادلها؟! وعلم الفرخ عندما يتم خلقه أن يكسر جدار الحـصـن بمنقاره ، ويدخل في عالم حياة جديدة أعدت لها أعضاؤه وقواه؟! أية عناية ورحمة أحدثث حركة قسرية في طبيعة أم الفراخ ، تلك التي لم يكن يؤثر فيها إلا عامل المحافظة على حياتها والدفاع عن نفسها ، فإذا بانقلاب يحدث ويدخره في تلك المحفظة ، ثم يعالجه بعد ذلك ويرسله إلى هاضمته . ثم كسا جلده الرقيق بريش وجناحين تقيه الحر والبرد ، والضر والعدة . ثم لم يكتف له بضرورات حياته وواجباتها ، حتى أنعم عليه بنوافلها المتعلقة بمظهره ، فلون ريشه وجناحيه بألوان تسر الناظرين ، قال : «تنفلق عـن مـثل وبما أن تكامل هذا الحيوان يحتاج إلى الحرارة الموزونة في صدر الدجاجة ، فإذا بالحيوان الذي لا يهدأ عن السعي والحركة إلا في ظلام الليل ، يخمد في مكانه ، ويرقد على بيضه هادئاً ساكناً طوال المدة التي يحتاج الجنين في البيض إلى تـلك الحرارة .فأية حكمة سلطت هذا الخمود والسكون على طائر دائم الحركة ، لتتحقق حركة الحياة في فرخ جديد؟! فيها ، فتجيش بالعاطفة على فراخها ، تحافظ عليها وتحميها، وتجعل صدرها درعاً يقيها ، وتبقى هذه الحالة العاطفية طوال المدة التي تحتاج إليها حتى تستعد لإدامـة الحياة بنفسها. ألا يكفينا التأمل في بيضة واحدة لأن يهدينا إلى الذي «خلق فسوى * و الذي قدر فهدى» ، ومن هنا قال الإمام (عليه السلام) : (أترى لها مدبراً؟ قال : فأطرق ملياً، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأنك إمام وحجة على خلقه، وأنا تائب مما كنت فيه).

المقدمة في أصول الدين، الشيخ وحيد الخراساني (حفظه الله).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إفتتاح الدورة الصيفية في مركز النبي محمد الثقافي صل الله عليه وآله .

تم اليوم في #مركز_النبي_محمد_الثقافي صل الله عليه وآله البدء في الدورة الصيفية الخاصة في ت…