تسلم يزيد الحكم بعد معاوية وأمره لعامله بقتل الإمام الحسين(ع) إن لم يبايع.
☀️ الحسين(ع) منارة الحق(١) ☀️
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا وحبيب قلوبنا محمد بن عبد الله وعلى آله الطَّيبين الطَّاهرين
➖
◽تسلم يزيد الحكم بعد معاوية.
◽أمره لعامله بقتل الإمام(ع) إن لم يبايع.
➖
لما مات معاوية، و تخلف بعده ولده يزيد، كتب يزيد إلى ابن عمه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان -و كان واليا على المدينة مع مولى لمعاوية يقال له ابن أبي زريق- يأمره بأخذ البيعة على أهلها، و خاصة على الحسين عليه السّلام، و لا يرخص له في التأخر عن ذلك، و يقول: (إن أبى عليك فاضرب عنقه و ابعث إليّ برأسه).
فأحضر الوليد: مروان بن الحكم و استشاره في أمر الحسين عليه السّلام.
فقال: إنه لا يقبل و لو كنت مكانك لضربت عنقه.
فقال الوليد: ليتني لم أك شيئا مذكورا”. حـ
➖
◽المواجهة الأولى بين الإمام(ع) وعامل يزيد.
➖
“ثم بعث إلى الحسين عليه السّلام في الليل، فاستدعاه، فعرف الحسين عليه السّلام الذي أراد، فدعا بجماعة من أهل بيته و مواليه و كانوا ثلاثين رجلا و أمرهم بحمل السلاح.
و قال لهم: (إن الوليد قد استدعاني في هذا الوقت، و لست آمن أن يكلفني فيه أمرا لا أجيبه إليه، و هو غير مأمون، فكونوا معي، فإذا دخلت إليه فاجلسوا على الباب، فإن سمعتم صوتي قد علا فادخلوا عليه لتمنعوه عني).
فصار الحسين عليه السّلام إلى الوليد، فوجد عنده مروان بن الحكم، فنعى إليه الوليد معاوية فاسترجع الحسين عليه السّلام، ثم قرأ عليه كتاب يزيد و ما أمره فيه من أخذ البيعة منه ليزيد.
فقال الحسين عليه السّلام: (إني أراك لا تقنع بيعتي سرا حتى أبايعه جهرا فيعرف ذلك الناس).
فقال له الوليد: أجل.
فقال الحسين عليه السّلام: (تصبح و ترى رأيك في ذلك).
فقال له الوليد: انصرف على اسم اللّه حتى تأتينا مع جماعة الناس.
فقال له مروان: و اللّه لئن فارقك الحسين الساعة و لم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبدا حتى تكثر القتلى بينكم و بينه، و لكن احبس الرجل فلا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه.
فوثب الحسين عليه السّلام عند ذلك، و قال: ويلي عليك يا ابن الرزقاء، أنت تأمر بضرب عنقي، و في رواية أنت تقتلني أم هو كذبت و اللّه و لؤمت”. يـ
➖
◽الإمام(ع) بدأ ببيان الأسباب الظاهرية لرفضه بيعة يزيد، وهو ظاهر لجميع الناس، وبين(ع) فيه أنَّ يزيد قد أعلن الفسق، فكيف يجوز أن يتلبس بلباس الحكم؟! وإن كان من البنود الأساسية لصلح الإمام الحسن(ع) مع معاوية أن يتسلم الإمام الحسين(ع) الحكم، بل هو الوصي والإمام بعد أبيه وأخيه(عليهم السلام بنص جده الرسول الأكرم(ص)).
➖
“ثم أقبل على الوليد، فقال: أيها الأمير إنا أهل بيت النبوة و معدن الرسالة ومختلف الملائكة بنا فتح اللّه و بنا ختم، و يزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق، و مثلي لا يبايع مثله، و لكن نصبح و تصبحون وننظر و تنظرون أينا أحق بالخلافة و البيعة.
ثم خرج يتهادى بين مواليه و هو يتمثل بقول يزيد بن المفرغ.
لا ذعرت السوام في غسق الصـ # بح مغيرا و لا دعيت يزيدا
يوم اعطي مخافة الموت ضيما # و المنايا يرصدنني أن أحيدا
حتى أتى منزله، و قيل: إنه أنشدهما لما خرج من المسجد الحرام متوجها إلى العراق، و قيل غير ذلك.
فقال مروان للوليد: عصيتني، لا و اللّه لا يمكنك مثلها من نفسه أبدا.
فقال له الوليد: ويحك إنك أشرت علي بذهاب ديني و دنياي، و اللّه ما أحب أن أملك الدنيا بأسرها و أني قتلت حسينا، سبحان اللّه أقتل حسينا لما أن قال لا أبايع، و اللّه ما أظن أحدا يلقى اللّه بدم الحسين الا و هو خفيف الميزان، لا ينظر اللّه إليه يوم القيامة و لا يزكيه و له عذاب أليم.
فقال مروان: فإذا كان هذا رأيك فقد أصبت فيما صنعت، يقول هذا و هو غير حامد له على رأيه.
فأقام الحسين عليه السّلام في منزله تلك الليلة، و هي ليلة السبت لثلاث بقين من رجب سنة ستين.
فلما أصبح خرج من منزله يستمع الأخبار، فلقيه مروان، فقال له: يا أبا عبد اللّه! اني لك ناصح فأطعني ترشد.
فقال الحسين عليه السّلام: (و ما ذاك قل حتى أسمع).
فقال مروان: اني آمرك ببيعة يزيد بن معاوية فإنه خير لك في دينك و دنياك.
فقال الحسين عليه السّلام: (إنا للّه و إنا إليه راجعون و على الإسلام السلام إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد).
و طال الحديث بينه و بين مروان حتى انصرف مروان و هو غضبان فلما كان آخر نهار السبت بعث الوليد الرجال إلى الحسين عليه السّلام ليحضر فيبايع، فقال لهم الحسين عليه السّلام: أصبحوا ثم ترون و نرى فكفّوا تلك الليلة عنه و لم يلحّوا عليه، فخرج في تلك الليلة و قيل في غداتها و هي ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب متوجها نحو مكة”. ـد
➖
◽تخاذل الأمة عن نصرة الحسين(ع)، والتخاذل يشتد كلما كانت الحقيقية ظاهرة جلية، والناس في ذلك الزمان كانوا يعرفون تمام المعرفة منزلة الحسين(ع) من الله ورسوله(ص).
➖
“و قال محمد بن أبي طالب خرج الحسين عليه السّلام من منزله ذات ليلة و أقبل إلى قبر جده صلى اللّه عليه و آله و سلم فقال: (السلام عليك يا رسول اللّه! أنا الحسين بن فاطمة فرخك و ابن فرختك و سبطك الذي خلقتني في أمتك، فاشهد عليهم يا نبي اللّه أنهم قد خذلوني و ضيعوني و لم يحفظوني، و هذه شكواي إليك حتى القاك).
ثم قام فصف قدميه فلم يزل راكعا و ساجدا، فلما كانت الليلة الثانية خرج إلى القبر أيضا و صلى ركعات، فلما فرغ من صلاته جعل يقول: (اللهم هذا قبر نبيك محمد و أنا ابن بنت نبيك، و قد حضرني من الأمر ما قد علمت، اللهم اني أحب المعروف و أنكر المنكر، و أنا أسألك يا ذا الجلال و الإكرام بحق القبر و من فيه الا اخترت لي ما هو لك رضا و لرسولك رضا).
و لما عزم الحسين عليه السّلام على الخروج من المدينة مضى في جوف الليل إلى قبر أمه فودّعها ثم مضى إلى قبر أخيه الحسن عليه السّلام ففعل كذلك و خرج معه بنو أخيه و أخوته و جل أهل بيته”. ر
➖
◽نصيحة ابن الحنفية للإمام عليه السلام، وقبول الإمام (ع) ما أشار عليه ابن الحنفية لا يعني أنه (ع) يجهل الصواب فيما يقدم عليه، بل هذا يكشف عن موافقة ما ذكره أخوه مع الصواب، وهو (ع) عمل ببعضه وترك بعضه، فلم يقصد اليمن.
➖
“إلاّ محمد بن الحنفية، فإنه لما علم عزمه على الخروج من المدينة، فقال له: (يا أخي! أنت أحب الناس إليّ و أعزهم عليّ، و لست و اللّه أدخر النصيحة لأحد من الخلق و ليس أحد أحق بها منك لأنك مزاج مائي و نفسي و روحي و بصري و كبير أهل بيتي و من وجبت طاعته في عنقي؛ لأن اللّه قد شرفك عليّ و جعلك من سادات أهل الجنة.
تنحّ ببيعتك عن يزيد و عن الأمصار ما استطعت، ثم ابعث رسلك إلى الناس فادعهم إلى نفسك، فان بايعك الناس و بايعوا لك حمدت اللّه على ذلك، و ان اجتمع الناس على غيرك لم ينقص اللّه بذلك دينك و لا عقلك و لا تذهب به مروءتك و لا فضلك اني أخاف عليك أن تدخل مصرا من هذه الأمصار فيختلف الناس بينهم فمنهم طائفة معك و أخرى عليك فيقتتلون فتكون لأول الأسنة غرضا، فإذا خير هذه الأمة كلها نفسا و أبا و أما أضيعها دما و أذلها أهلا).
فقال له الحسين عليه السّلام: (فأين أذهب يا أخي؟) قال: تخرج إلى مكة، فإن اطمأنت بك الدار بها فذاك و ان تكن الأخرى خرجت إلى بلاد اليمن، فإنهم أنصار جدك و أبيك و هم أرأف الناس و أرقهم قلوبا و أوسع الناس بلادا، فإن اطمأنت بك الدار و الا لحقت بالرمال و شعف الجبال و جزت من بلد إلى بلد حتى تنظر ما يؤول إليه أمر الناس و يحكم اللّه بيننا و بين القوم الفاسقين، فإنك أصوب ما تكون رأيا حين تستقبل الأمر استقبالا).
فقال الحسين عليه السّلام: (يا أخي! و اللّه لو لم يكن في الدنيا ملجا و لا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية).
فقطع محمد بن الحنفية عليه الكلام، و بكى فبكى الحسين عليه السّلام معه ساعة، ثم قال: (يا أخي جزاك اللّه خيرا فقد نصحت و أشفقت، و أرجو أن يكون رأيك سديدا موفقا، و أنا عازم على الخروج إلى مكة، تهيأت لذلك أنا و أخوتي و بنو أخي و شيعتي أمرهم أمري و رأيهم رأيي، و أما أنت يا أخي فلا عليك أن تقيم بالمدينة فتكون لي عينا عليهم لا تخفي عني شيئا من أمورهم)”. ـر
➖
◽وصية الإمام(ع) لأخيه، مع بيان هدف الإمام(ع) في نهضته المباركة، وكلامه يلاحق ضعاف النفوس الى يوم هذا، حيث يلمون الإمام(ع) على رفضه بيعة يزيد، وشقه صف المسلمين، فقال كما عرفت سابقا: (على الإسلام السلام إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد).
➖
“ثم دعا الحسين عليه السّلام بدواة و بياض و كتب هذه الوصية لأخيه محمد: (بسم اللّه الرحمن الرحيم… هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب إلى أخيه محمد المعروف بابن الحنفية، أن الحسين عليه السّلام يشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله جاء بالحق من عند الحق، و أن الجنة حق، و أن الساعة آتية لا ريب فيها، و أن اللّه يبعث من في القبور، و أني لم أخرج أشرا و لا بطرا و لا مفسدا و لا ظالما و إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف و أنهي عن المنكر و أسير بسيرة جدي و أبي عليّ بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحق فاللّه أولى بالحق و من رد عليّ هذا أصبر حتى يقضي اللّه بيني و بين القوم بالحق و هو خير الحاكمين، و هذه وصيتي يا أخي إليك و ما توفيقي إلاّ باللّه عليه توكلت و إليه أنيب).
ثم طوى الكتاب و ختمه بخاتمه، ثم دفعه إلى أخيه محمد، ثم ودعه و خرج من المدينة، و أقبلت نساء بني عبد المطلب، فاجتمعن للنياحة لما بلغهن أن الحسين عليه السّلام يريد الشخوص من المدينة حتى مشى فيهن الحسين عليه السّلام.
فقال: (أنشدكنّ اللّه أن تبدين هذا الأمر معصية للّه و لرسوله)، قالت له نساء بني عبد المطّلب: (فلمن نستبقي النياحة و البكاء، فهو عندنا كيوم مات فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم و علي و فاطمة و الحسن و رقية و زينب و أم كلثوم، جعلنا اللّه فداك من الموت يا حبيب الأبرار من أهل القبور)”.
يتبع..
📚 المصدر: لواعج الأشجان (بتصرف)
العناوين أو التعليقات في بداية الكلام منا، وليس من المؤلف..
- السّيِّد محسن الأمين العاملي (قُدِّس سرُّه).
✒️ أبو حسين العاملي
إفتتاح الدورة الصيفية في مركز النبي محمد الثقافي صل الله عليه وآله .
تم اليوم في #مركز_النبي_محمد_الثقافي صل الله عليه وآله البدء في الدورة الصيفية الخاصة في ت…