‫الرئيسية‬ مقالات يومية ☀️ *الحسين(ع) منارة الحق(٥)* ☀️
مقالات يومية - 19 أغسطس، 2022

☀️ *الحسين(ع) منارة الحق(٥)* ☀️

☀️ *الحسين(ع) منارة الحق(٥)* ☀️

بسم الله الرحمن الرحيم

➖◽ *مسلم(ع) يعلم بحبس هانئ وما جرى عليه، ويعلن القيام ضد ابن زياد..* ➖

◾”قال عبد اللّه بن حازم: أنا و اللّه! رسول ابن عقيل الى القصر لأنظر ما فعل هاني، فلما ضرب و حبس ركبت فرسي فكنت أول داخل الدار على مسلم بن عقيل بالخبر، فإذا نسوة من مراد مجتمعات ينادين يا عبرتاه يا ثكلاه، فدخلت على مسلم فأخبرته الخبر فأمرني ان أنادي في أصحابه و قد ملأ بهم الدور حوله و كانوا فيها أربعة آلاف رجل، فقال لمناديه: ناد “يا منصور أمت”، و كان ذلك شعارهم فنادى، فتنادى أهل الكوفة و اجتمعوا عليه فاجتمع اليه أربعة آلاف. فعقد لعبد اللّه بن عزيز الكندي على ربع كندة و ربيعة، و قال: *«سر أمامي في الخيل»،* و عقد لمسلم بن عوسجة الأسدي على ربع مذحج و أسد، و قال: *«انزل في الرجال»،* و عقد لأبي تمامة الصائدي على ربع تميم و همدان، و عقد لعباس بن جعدة الجدلي على ربع المدينة، و عبأ ميمنته و ميسرته و وقف هو في القلب و أقبل نحو القصر. و تداعى الناس و اجتمعوا، فما لبثنا الا قليلا حتى امتلأ المسجد من الناس و السوق و ما زالوا يتوثبون حتى المساء. و بعث عبيد اللّه الى وجوه أهل الكوفة فجمعهم عنده في القصر، و أحاط مسلم بالقصر فضاق بعبيد اللّه أمره، و كان أكثر عمله أن يمسك باب القصر و ليس معه ثلاثون رجلا من الشرط و عشرون رجلا من أشراف الناس و أهل بيته و خاصته…. فدعا ابن زياد كثير بن شهاب، و امره ان يخرج فيمن اطاعه من مذحج فيسير في الكوفة، و يخذل الناس عن ابن عقيل و يخوفهم الحرب و يحذرهم عقوبة السلطان. و أمر محمد بن الأشعث ان يخرج فيمن أطاعه من كندة و حضر موت، فيرفع راية أمان لمن جاءه من الناس، و قال مثل ذلك للقعقاع بن شور الذهلي‌ و شبث بن ربعي التميمي و حجار بن ابجر السلمي (العجلي خ ل) و شمر بن ذي الجوشن العامري (الضبابي خ ل). و حبس باقي وجوه الناس عنده استيحاشا اليهم لقلة عدد من معه من الناس… و أقام الناس مع ابن عقيل يكثرون حتى المساء و أمرهم شديد“.

➖◽ *ابن زياد يرغب الناس بطاعته الفارغة، ويهددهم بجيش يزيد الطاغية*. *ويجب علينا أن نأخذ العبرة مما حصل، لأن هذه الكذبة تشبه الدعايات التي تطلقها بعض الجهات لتبث في نفوسنا الأماني الخادعة، وأن الدين وأهله هم سبب الرجعية والانحطاط، فلا نخذل سُفر الحق إلينا، فننصر الباطل ونترك الحق غريبا، يستوحش منه أولادنا وشبابنا*. *وللأب الأم دور مهم في مصير الأمة، حيث إن تنشئة الأولاد على القيم والمبادئ يؤسس لجيل واع مليء بالقيم، وإلا فسيكون متسكعًا عديم الحياء، فلننظر أين نكون.*

➖ ◾”فأمر عبيد اللّه من عنده من الأشراف أن يشرفوا على الناس فيمنوا أهل الطاعة الزيادة و الكرامة و يخوفوا أهل المعصية الحرمان و العقوبة و يعلموهم وصول الجند من الشام اليهم. و تكلم كثير بن شهاب حتى كادت الشمس ان تغرب، فقال: أيها الناس الحقوا بأهاليكم و لا تعجلوا الشر و لا تعرضوا أنفسكم للقتل فإن هذه جنود أمير المؤمنين يزيد قد أقبلت، و قد أعطى اللّه الأمير عهدا لئن أقمتم على حربه و لم تنصرفوا من عشيتكم ان يحرم ذريتكم العطاء و يفرق مقاتليكم في مغازي الشام، و ان يأخذ البري‌ء منكم بالسقيم و الشاهد بالغائب حتى لا يبقى له بقية من أهل المعصية الا اذاقها و بال ما جنت أيديها، و تكلم الاشراف بنحو من ذلك. فلما سمع الناس مقالتهم أخذوا يتفرقون، و كانت المرأة تأتي ابنها و أخاها فتقول: انصرف الناس يكفونك، و يجي‌ء الرجل الى ابنه و أخيه، و يقول: غدا يأتيك أهل الشام فما تصنع بالحرب و الشر انصرف فيذهب به فينصرف، فما زالوا يتفرقون حتى أمسى ابن عقيل في خمسمائة.

➖ ◽ *تفرق الناس عن ابن عقيل(ع) بعد أدائه صلاته، ولا يخفى عليك أنه تفرق عن الحسين(ع) أيضًا، ومساهمة في دمه ودم الإمام(ع) وأهل بيته ومن معه.*

➖ ◾فلما اختلط الظلام جعلوا يتفرقون، فصلى المغرب و ما معه الا ثلاثون نفسا في المسجد. فلما رأى انه قد أمسى و ليس معه الا أولئك النفر خرج متوجها الى أبواب كندة، فلم يبلغ الأبواب إلا و معه عشرة. ثم خرج من الباب، فإذا ليس معه انسان، فالتفت فإذا هو لا يحس أحدا يدله على الطريق، و لا يدله على منزله و لا يواسيه بنفسه إن عرض له عدو. فمضى على وجهه متحيرا في أزقة الكوفة لا يدري أين يذهب، حتى خرج الى دور بني جبلة من كندة، فمضى حتى أتى الى باب امرأة يقال لها طوعة أم ولد، كانت للأشعث بن قيس فأعتقها، و تزوجها السيد الحضرمي، فولدت له بلالا، و كان بلال قد خرج مع الناس وأمه قائمة تنتظره. فسلم عليها ابن عقيل، فردت عليه السلام، و طلب منها ماء فسقته و جلس، و دخلت ثم خرجت، فقالت: يا عبد اللّه ألم تشرب؟ قال: «بلى»، قالت: فاذهب الى أهلك فسكت، ثم أعادت مثل ذلك فسكت، ثم قالت في الثالثة: سبحان اللّه يا عبد اللّه! قم عافاك اللّه! إلى أهلك، فإنه لا يصلح لك الجلوس على بابي و لا أحله لك. فقام، و قال: *«يا أمة اللّه! ما لي في هذا المصر أهل و لا عشيرة، فهل لك في أجر و معروف، و لعلي مكافيك بعد هذا اليوم؟»* قالت: يا عبد اللّه و ما ذاك؟ قال: *«أنا مسلم بن عقيل، كذبني هؤلاء القوم، و غروني و أخرجوني».* قالت: أنت مسلم؟ قال: نعم، قالت: أدخل فدخل الى بيت في دارها غير البيت الذي تكون فيه، و فرشت له، و عرضت عليه العشاء فلم يتعشّ. و لم يكن بأسرع من أن جاء ابنها، فرآها تكثر الدخول في البيت و الخروج منه، فقال لها: و اللّه! انه ليريبني كثرة دخولك الى هذا البيت و خروجك منه منذ الليلة إن لك لشأنا. قالت له: يا بني! اله عن هذا، قال: و اللّه لتخبريني، قالت له: اقبل على شأنك و لا تسألني عن شي‌ء، فألحّ عليها. فقالت: يا بني! لا تخبرن أحدا من الناس بشي‌ء مما أخبرك به، قال: نعم، فأخذت عليه الأيمان، فحلف لها فأخبرته، فاضطجع و سكت. و أصبح [بلالا] فغدا الى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فأخبره بمكان مسلم بن عقيل من أمه، فأقبل عبد الرحمن حتى أتى أباه و هو عند ابن زياد فساره، فعرف ابن زياد سراره، فقال له ابن زياد في جنبه بالقضيب: قم فاتني به الساعة، فقام و بعث معه قومه لأنه علم ان كل قوم يكرهون أن يصاب فيهم مثل مسلم. فبعث معه عبيد اللّه‌ بن العباس السلمي في سبعين رجلا من قيس حتى أتوا الدار التي فيها مسلم.

➖ ◽ *خروج مسلم(ع) للقتال قتال الأسود، فذكرهم بأبطال بني هاشم.* ➖

◾”فلما سمع مسلم وقع حوافر الخيل و أصوات الرجال علم انه قد أتي، فخرج اليهم بسيفه، و اقتحموا عليه الدار فشد عليهم يضربهم بسيفه حتى أخرجهم من الدار، ثم عادوا اليه فشد عليهم كذلك فأخرجهم مرارا و قتل منهم جماعة، و اختلف هو و بكر بن حمران الأحمري ضربتين فضرب بكر فم مسلم فقطع شفته العليا و أسرع السيف في السفلى و فصلت لها ثنيتاه، و ضربه مسلم في رأسه ضربة منكرة و ثناه بأخرى على حبل العاتق كادت تطلع الى جوفه. فلما رأوا ذلك أشرفوا عليه من فوق البيت و أخذوا يرمونه بالحجارة و يلهبون النار في أطنان القصب ثم يرمونها عليه من فوق البيت، فلما رأى ذلك خرج عليهم مصلتا سيفه في السكة. فقال محمد بن الأشعث، لك الأمان لا تقتل نفسك، و هو يقاتلهم و يرتجز بأبيات حمران بن مالك الخثعمي يوم القرن:أقسمت لا أقتل الا حرا # و إن رأيت الموت شيئا نكراأخاف أن أكذب أو أغرا # أو أخلط البارد سخنا مرارد شعاع الشمس فاستقرا # كل امرى‌ء يوما ملاق شرا أضربكم و لا أخاف ضرافقال له محمد بن الأشعث: إنك لا تكذب و لا تغر و لا تخدع ان القوم بنو عمك و ليسوا بقاتليك و لا ضائريك، و كان قد أثخن بالحجارة و عجز عن القتال فأسند ظهره الى جنب تلك الدار، فأعاد ابن الأشعث عليه القول لك الأمان، فقال آمن أنا؟ قال: نعم، فقال للقوم الذين معه: الي الأمان؟قال القوم له: نعم الا عبيد اللّه بن العباس السلمي، فانه قال: لا ناقة لي في هذا و لا جمل و تنحى، فقال مسلم: أما لو لم تؤمنوني ما وضعت يدي في أيديكم. و تكاثروا عليه بعد ان أثخن بالجراح، فطعنه رجل من خلفه الى الأرض، فأخذ أسيرا. قال الراوي: فأتي ببغلة فحمل عليها و اجتمعوا حوله و انتزعوا سيفه. و كأنه عند ذلك يئس من نفسه، فدمعت عيناه، ثم قال: هذا أول الغدر. فقال‌ له محمد بن الأشعث: أرجو أن لا يكون عليك بأس، قال: و ما هو الا الرجاء أين أمانكم انّا للّه و إنّا إليه راجعون و بكى. فقال له عبيد اللّه بن العباس [السلمي] : ان من يطلب مثل الذي تطلب إذا نزل به مثل ما نزل بك لم يبك. فقال: و اللّه! ما لنفسي بكيت و لا لها من القتل أرثي، و إن كنت لم أحب لها طرفة عين تلفا، و لكني أبكي لأهلي المقبلين إلي، أبكي لحسين و آل حسين.ثم أقبل على محمد بن الأشعث فقال: *«يا عبد اللّه! إني أراك و اللّه ستعجز عن أماني، فهل عندك خير تستطيع ان تبعث من عندك رجلا على لساني ان يبلغ حسينا فإني لا أراه الا و قد خرج اليوم أو هو خارج غدا و أهل بيته، و يقول له ان ابن عقيل بعثني اليك و هو أسير في ايدي القوم لا يرى انه يمسي حتى يقتل، و هو يقول لك ارجع فداك ابي و أمي بأهل بيتك و لا يغررك أهل الكوفة فانهم أصحاب أبيك الذي كان يتمنى فراقهم بالموت أو القتل، ان أهل الكوفة قد كذبوك و ليس لمكذوب رأي»*، فقال ابن الأشعث: و اللّه لأفعلن و لأعلمن ابن زياد اني قد أمنتك، [ولم يلتزم به ابن مرجانة، وقال له: و ما أنت و الأمان، كأنا أرسلناك لتؤمنه، انما أرسلناك لتأتينا به فسكت]. و انتهي بابن عقيل الى باب القصر و قد اشتد به العطش، و على باب القصر ناس جلوس ينتظرون الإذن، و اذا قلة، فيها ماء بارد موضوعة على الباب، فقال مسلم: «اسقوني من هذا الماء»، فقال له مسلم بن عمرو: أتراها ما أبردها، لا و اللّه لا تذوق منها قطرة ابدا حتى تذوق الحميم في نار جهنم، فقال له مسلم: «ويلك من أنت؟» فقال: أنا الذي عرف الحق اذ أنكرته، و نصح لإمامه اذ غششته، و أطاعه اذ خالفته، أنا مسلم بن عمرو الباهلي. فقال له ابن عقيل: *«لأمك الثكل! ما أجفاك و أفظك و أقسى قلبك! أنت يا ابن باهلة أولى بالحميم و الخلود في نار جهنم مني»*. ثم جلس، فتساند الى الحائط، و بعث عمرو بن حريث و قيل عمارة بن عقبة غلاما له فأتاه بقلة عليها منديل و قدح فصب فيه ماء، فقال له: اشرب، فأخذ كلما شرب امتلأ القدح دما من فمه، فلا يقدر ان يشرب، ففعل ذلك مرة أو مرتين، فلما ذهب في الثالثة ليشرب سقطت ثناياه في القدح. فقال: *« الحمد للّه، لو كان لي من الرزق المقسوم لشربته»“.

➖◽ *من قصيدة للسيد محسن الأمين(قده) في رثاء مسلم(ع).*➖

و في ذلك يقول المؤلف من قصيدة يرثي بها مسلما رضي اللّه عنه:يا مسلم بن عقيل لا أغب ثرى # ضريحك المزن هطالا و هتانابذلت نفسك في مرضاة خالقها # حتى قضيت بسيف البغي ظمآناكأنما نفسك اختارت لها عطشا # لما درت أن سيقضي السبط عطشانافلم تطق ان تسيغ الماء عن ظمأ # من ضربة ساقها بكر بن حمرانا

➖◽ *دخول ابن عقيل(ع) على ابن زياد، والمناظرة التي دارت بينهما..* ➖

◾”و خرج رسول ابن زياد فأمر بادخاله اليه، فلما دخل مسلم لم يسلم عليه بالأمرة، قال له الحرسي: سلم على الأمير فقال: *«اسكت و يحك و اللّه ما هو لي بأمير».* فقال ابن زياد: لا عليك سلمت ام لم تسلم فانك مقتول. فقال له مسلم: *«إن قتلتني فلقد قتل من هو شر منك من هو خير مني».* فقال له ابن زياد: قتلني اللّه إن لم أقتلك قتلة لم يقتلها أحد في الإسلام. فقال له مسلم: *«أما إنك أحق مَنْ أحدث في الاسلام ما لم يكن، و إنك لا تدع سوء القتلة و قبح المثلة و خبث السريرة و لؤم الغلبة لأحد أولى بها منك».* فقال ابن زياد: يا عاق يا شاق! خرجت على امامك و شققت عصا المسلمين و ألحقت الفتنة. فقال مسلم: *«كذب إنما شق عصا المسلمين معاوية و ابنه يزيد، و أما الفتنة فإنما ألحقتها انت و أبوك زياد بن عبيد عبد بني علاج من ثقيف، و أنا أرجو ان يرزقني اللّه الشهادة على يدي شر بريته».* فقال له ابن زياد: منتك نفسك امرا حال اللّه دونه و جعله لأهله. فقال له مسلم: *«و من أهله يا ابن مرجانة اذا لم نكن نحن أهله».* فقال ابن زياد: أهله أمير المؤمنين يزيد. فقال مسلم: *«الحمد للّه على كل حال، رضينا باللّه حكما بيننا و بينكم».* فقال له ابن زياد: أتظن أن لك في الأمر شيئا؟ فقال له مسلم: *«و اللّه ما هو الظن، و لكنه اليقين».* و قال له ابن زياد: ايه ابن عقيل! أتيت الناس و هم جميع و أمرهم ملتئم، فشتتت أمرهم بينهم، و فرقت كلمتهم، و حملت بعضهم‌ على بعض. قال: *«كلا لست لذلك أتيت، و لكنكم أظهرتم المنكر، و دفنتم المعروف، و تأمرتم على الناس بغير رضى منهم، و حملتموهم على غير ما أمركم اللّه به، و عملتم فيهم بأعمال كسرى و قيصر، فأتيناهم لنأمر فيهم بالمعروف و ننهى عن المنكر و ندعوهم الى حكم الكتاب و السنة، و كنا أهل ذلك».* فقال له ابن زياد: و ما أنت و ذاك يا فاسق، لم لم تعمل بذلك اذ أنت بالمدينة تشرب الخمر. قال مسلم: *«أنا أشرب الخمر، أما و اللّه إن اللّه ليعلم انك تعلم أنك غير صادق، و إن أحق بشرب الخمر مني و أولى بها من يلغ في دماء المسلمين و لغا، فيقتل النفس التي حرم اللّه قتلها و يسفك الدم الذي حرم اللّه على الغضب و العداوة و سوء الظن و هو يلهو و يلعب كأن لم يصنع شيئا».* فأقبل ابن زياد يشتمه و يشتم عليا و الحسن و الحسين و عقيلا، و أخذ مسلم لا يكلمه. و في رواية أنه قال له: *«أنت و أبوك أحق بالشتيمة، فاقض ما أنت قاض يا عدو اللّه»* “.

➖◽ *استشهاد مسلم بن عقيل(ع).*➖

◾ ”ثم قال ابن زياد: اصعدوا به فوق القصر فاضربوا عنقه ثم اتبعوه جسده، فقال مسلم: و اللّه لو كان بيني و بينك قرابة ما قتلتني‌ [قيل انه يشير الى انه كأبيه دعيان و ليسا من قريش]. فقال ابن زياد: أين هذا الذي ضرب ابن عقيل رأسه بالسيف، فدعي بكر بن حمران. فقال له: اصعد، فلتكن أنت الذي تضرب عنقه، فصعد به، و هو يكبر و يستغفر اللّه و يسبحه و يصلي على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم. و يقول: *«اللهم احكم بيننا و بين قوم غرونا و كذبونا و خذلونا»،* فضرب عنقه و اتبع رأسه جثته. و نزل بكر الذي قتله مذعورا، فقال له ابن زياد: ما شأنك؟ فقال: أيها الأمير! رأيت ساعةَ قتلِه رجلا أسود شني‌ء الوجه حذائي، عاضا على اصبعه، أو قال: على شفته، ففزعت منه فزعا لم أفزعه قط. فقال ابن زياد: لعلك دهشت.

➖◽ *استشهاد هانئ بن عروة، وكان هانئ ما زال محبوسا، فقام ابن زياد بقتله في السوق.* ➖

قال [ابن زياد]: أخرجوه هانئ] الى السوق فاضربوا عنقه، فأخرج هاني حتى أتي به الى مكان من السوق كان يباع فيه الغنم و هو مكتوف، فجعل يقول: وا مذحجاه و لا مذحج لي اليوم، يا مذحجاه يا مذحجاه أين مذحج، فلما رأى ان أحدا لا ينصره جذب يده فنزعها من الكتاف. ثم قال: *«أما من عصا أو سكين أو حجارة أو عظم يحاجز بها رجل عن نفسه»،* و وثبوا اليه فشدوه وثاقا. ثم قيل له: أمدد عنقك، فقال: *«ما أنا بها سخي، و ما أنا بمعينكم على نفسي»*، فضربه مولى لعبيد اللّه بن زياد تركي يقال له رشيد بالسيف فلم يصنع شيئا، فقال له هاني: إلى اللّه المعاد اللهم الى رحمتك و رضوانك، ثم ضربه أخرى فقتله.وبصر عبد الرحمن بن الحصين المرادي بعد ذلك بقاتل هاني فحمل عليه بالرمح فطعنه فقتله و أخذ بثأر هاني.

➖◽ *شعر قديم في حق مسلم وهانئ(عليهما السلام)*➖

و في مسلم و هاني رحمهما اللّه تعالى يقول عبد اللّه بن الزبير الأسدي، و يقال انها للفرزدق، و قيل انها لسليمان الحنفي:

فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري # إلى هاني في السوق و ابن عقيل‌إلى بطل قد هشم السيف وجهه # و آخر يهوي من طمار قتيل‌أصابهما فرخ البغي‌ فأصبحا # أحاديث من يسري بكل سبيل‌تري جسدا قد غيّر الموت لونه # و نضح دم قد سال كل مسيل‌ فتى كان أحيى من فتاة حيية # و اقطع من ذي شفرتين صقيل‌أيركب اسماء الهماليج‌ آمنا # و قد طلبته مذحج بذحول‌تطوف‌ حواليه‌ مراد و كلهم # على رقبة من سائل و مسول‌فان انتم لم تثأروا بأخيكم # فكونوا بغايا أرضيت بقليل‌.

يتبع..

📚المصدر: لواعج الأشجان (بتصرف) السّيِّد محسن الأمين العاملي (قُدِّس سرُّه).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إفتتاح الدورة الصيفية في مركز النبي محمد الثقافي صل الله عليه وآله .

تم اليوم في #مركز_النبي_محمد_الثقافي صل الله عليه وآله البدء في الدورة الصيفية الخاصة في ت…